صدور كتابي: الفلسفة السياسيّة: كشفُ لماهو كائن وخوضُ فيما ينبغي للعيشِ معاً،

الفلسفة السياسيّة: كشفُ لماهو كائن وخوضُ فيما ينبغي للعيشِ معاً،
عنوان الكتاب الجديد للدكتور: علي المحمدواي
من منشورات دار الروافد الثقافية في لبنان.
****************
عن الكتاب:
إذا كانتْ الفلسفة السّياسيّة هي البحثُ التأمليّ الذي يسعى لتحليل وفهم المبادئ أو العناصر الأوليّة التي يقوم عليه النشاط السّياسيّ العمليّ، فإنَّنا، بالتأكيد، لايمكن أنْ نصنع، بذلك، الفصل بين النظريّةِ والممارسةِ في الفلسفةِ السّياسيّةِ (بمختلف نتاجاتها)، وحتى تلكَ التي سُميّتْ بالمثاليّة فإنَّما هي ردة فعلٍ بالضدِ ممّا هو قائم من التردي أو الضياع أو الانهيار للفعلِ السّياسيّ. ولذلك يلزم أنْ تكون الفلسفة السّياسيّة آخذة بالحسبانِ، دومًا سؤالَيّ: ما الواقع؟ وما يجب أنْ يكون عليه؟ وهنا تدخلُ المعياريّة أو البحث عن القيمةِ للمُمارسَةِ السّياسيّةِ، أو لمِثالِها، وتُخوم كمالِها. وذلك ماسنسعى له في هذا الكتاب: إنَّه محاولة لكشف هذا الجدل بين الواقعِ السّياسيِّ "الممارسة" والمثالِ السّياسيِّ "النظرية في الغالب"، ومن ثَمَّ البحث في كليهما. واختبار أحدهما على الآخرِ، مع التركيز على الجانبِ النظريِّ، وتمرير مسطرة الفلسفةِ عليه وهي المختَزلَة هنا بالسؤالِ: هل هذا ماينبغي، حقًا، للعيشِ معًا؟ وذلك يتيح للفلسفةِ السّياسيةِ دراسةَ الحقائقِ المتعلقةِ بالتنظيمِ الاجتماعيِّ- السّياسيِّ من قبيلِ مفاهيمَ: الاستقلالِ الذاتيِّ، أو الحريَّة، بوصفهما تقريرًا للمصيرِ، عقلانيًّا، أو مفاهيم من مثل العدالة والديمقراطيّة والحقوق والإلتزام السّياسيّ؛ لأَجل إتمام هدفٍ جماعيٍّ، يكون منطلقًا لأيِّ مجتمعٍ يبتغي العيشَ "معًا" بكرامةٍ، ويسير لتطبيق وظائفه عبر إطارٍ سياسيّ يضمنُ له تلك الأهدافَ. وهنالك أربعة أدوار للفلسفةِ السّياسيّةِ تُمَثِّل في ممارستها تعريفًا- بطريقةٍ وظيفيّةٍ- للفلسفةِ السّياسيّةِ، وهي:
1- الدور العمليّ: عبر النظر في الجانب العمليّ والممارسة السّياسيّة وما ينشأ مِنَ النزاع السّياسيّ، ومايتطلب لحلِّ مشكلات النظام السّياسيّ.
2- الدور التوجيهيّ: عبر الإسهام في كيفيّة تفكيرِ الناسِ في مؤسساتِهم السّياسيَّة والاجتماعيَّة، وأهدافهم الأساسيّة ومقاصدهم بوصفهم مجتمعًا ذي تاريخ، وأهدافهم ومقاصدهم بوصفهم أفرادًا. وذلك لأنَّ أفراد أيّ مجتمع بحاجة لفهم أنفسهم كأعضاءٍ سياسيين، وبذلك عليهم فِهْمَ حقوقهم، ومواطنتهم، ومساواتهم، ووضعهم في الديمقراطيّةِ، مثلًا، وكيفَ يؤثر ذلك في علاقتِهم بعالمَهم الاجتماعيّ؟
3- دور التسويّة: وهو الذي يقوم بتهدئةِ إحباطاتِنا وغَضَبِنا على مُجتمعِنا، وذلكَ بأَنْ نتبين، ومن منظورٍ فلسفيٍّ، كيف نَتَقَبلُ عالمَنا الاجتماعيّ بصورةٍ إيجابيّةٍ، ليس بالإذعانِ لَه، وإنَّما بالبحثِ عن الخيرِ السّياسيِّ- العقلانيِّ فيه و لأجلِه.
4- الدور اليوتوبيّ- الواقعيّ: وهنا على الفلسفةِ السّياسيّةِ أنْ تلامسَ حدود الإمكانِ السّياسيِّ العمليِّ، ومحاكاة الأمل في مستقبلِ مجتمعِنا؛ لتحقيقِ نظامٍ سياسيٍّ لائقٍ على الأقلِّ. وهي ببحثها في الكائن سَتُحاكي الواقعيّ، وفي طلبها ما ينبغي سَتُحاكي اليوتوبيّ.
وهذه الأدوار تشكِّلُ رُؤيةً مُلخَّصةً، وشبه شاملة، لما تحاولُ الفلسفةُ السّياسيّةُ الحكاية فيه، فهي لاتقصر نفسها في تفسيرٍ أو تبريرٍ وإنَّما تحاولُ التغيير، وهي لاتنطلق نَحوَ مشروع التَغيير بلا قاعِدة بل من أُسس نظريّة وإمكانات واقعيّة؛ ولذلك تَلتزم الأدوار بمهام ملتبسةٍ ومشتركةٍ لا فكاك بينها.
سَيكون كتابُنا، هذا، مراجعةً لتحققِ هذهِ الأدوار في أُطروحات تاريخها، أي في ما أنجزه الفلاسفة من رؤيةٍ في السّياسة، بحثًا وتحليلًا ونقدًا وتأويلًا. وسنحاول، من خلال ذلك، أنْ نسبر أغوار التحولات التي رافقتْ هذه المسيرة، فأنتجتْ نظريات تقليديّة وأُخرى قاطعة مع التقاليد (حداثية)، من الفكر الشرقيِّ القديم إِلَى الفلسفةِ المعاصرةِ، وفق متطلبات منهَجيّة و أولويات معرفيّة. آمل أنني قدْ وفقتُ فيه.
د. علي عبّود المحمداويّ

دراستنا : الدين في المجتمعات المعاصرة... على موقع مؤسسة مؤمنون بلا حدود..


دراستنا : الدين في المجتمعات المعاصرة
منشور على موقع مؤمنون بلاحدود
متاح للتنزيل
شكراُ لاهتمامكم.
--------------------------
الملخص:
تنطلق هذه الدراسة من سؤال مركزي هو: هل يمكن الحديث عن المعقول والعقلانية في الديني؟ وكيف يمكن استثماره في إطار الدولة الديمقراطية اليوم؟
لم تكن وجهة الباحث إلا استحضار رؤية هابرماس التي أسهمت في توسيع وتخطي الجدل الحاصل بين حضور الدين في المجال العام، وعلاقته بالعقلانية القانونية، لذا ميّز هابرماس بين الفهم السيئ والمتطرف للدين وبين الفهم المعقول والعقلاني، فالدين في عمقه يدعو إلى المضامين الإنسانية بعيدًا عن الأصولية المتطرفة التي لا شغل لها إلا مناهضة الحداثة وتجذير العنف في المجتمع العالمي. وعليه، فالمطلوب هو أن يتم تحقيق عبر أخلاقيات المناقشة والتواصل، وهو ما يسميه هابرماس بـ"التعددية الثقافية"، حيثُ يتخلّى العلماني عن رهانه في أن يترك المتدينون قناعتهم في سياق المجال العام، لأن الذي يحكم الدين والعلمانية هو الحوار والتواصل.
وتطرقت الدراسة إلى ضرورة المزاوجة بين الإيتيقي والسياسي في الفضاء العام، بعلةِ أنَّ الأخلاق هي الطريق والسبيلُ نحو الخروج من الأزمة بين الأصوليات الدينية والدهرانية، والاحتكام إلى عقلنة الفعل السياسي وتنمية الممارسة الديمقراطية، بلْ لا بد من الاقتناع أن العقلانية القانونية والتقاليد التشريعية، إنما أصلها الأول هو الدين، ثمَّ تحولتْ إلى قواعد علمانية أو دنيوية. وهكذا، فإنَّ بناء أنموذج إدارة وتشريع ديمقراطي كفيلٌ بتعايش الفكر الديني مع مرحلة ما بعد المجتمع العلماني، ويرسم لنا ذلك كله صورة الديني المشترك في صنع التشريع بطريقة قانونية عقلانية تصالح بين التقليد والحداثة. فالدين لا يكون له حضور في المجتمعات المعاصرة في إطار الدولة الديمقراطية بعد فرض هذه الأخيرة فكرة الاندماج بين الجماعات الدينية والعشائر والطوائف من منطلق الشراكة والتسامح وقبول المختلف الديني.
للاطلاع على البحث كاملا المرجو الضغط هنا
...

حوارنا مع الشيخ فلاح القريشي.. في برنامج قراءات في حلقة بعنوان: الاسلام والسياسي ومبدأ التطرف

برنامج قراءات ، قناة بلادي، 
التسجل الكامل لحلقة:
حركات الإسلام السياسي و مبدأ التطرف

د. علي عبود المحمداوي 
الشيخ فلاح القريشي 
اعداد وتقديم : هاني عبد الصاحب.

http://www.youtube.com/watch?v=259LIGLzly4

كتابنا الجماعي الجديد: الفعل السياسي بوصفه ثورة: دراسات في جدل السلطة والعنف عند حنّه آرنت


الفعل السياسي بوصفه ثورة
دراسات في جدل السلطة والعنف عند حنّه آرنت


مجموعة مؤلفين

اشراف وتنسيق : د. علي عبود المحمداوي
تقديم : د. محمد شوقي الزين



"""المسهمون في الكتاب""" ،
د. العياشي ادراوي
د. عامر عبد زيد
د. علي عبود المحمداوي
د. محمد شوقي الزين
د. نداء إبراهيم خليل
د.محمد جلوب الفرحان
اماني ابو رحمة
أنيس المليتي
جـهاد شـــارف
الحاج محمد محان
رشيد العلوي
رفقة رعد
زهير الخويلدي
سعاد حمداش
عبد الإله دعال
عبدالرحمن باجودة.
محمد بكاي
مديحة دبابي
نادرة السنوسي
نبيل فازيو  
هيفاء النكــيّس
------------------------------
------------------------------
من مقدمة الدكتور محمد شوقي الزين:
كانت الفيلسوفة الألمانية الأمريكية حنه آرنت الغائب في الدراسات الفلسفية العربية ما عدا بعض المقالات أو الترجمات أو الكتب الضئيلة أو الرسائل الجامعية التي ننتظر يوماً أن تخرج إلى النور لتفيد القارئ العربي بالأفكار الأصيلة والتثويرية لهذه الفيلسوفة. بعض أعمالها مثل «الشرط الإنساني» (1958)، «حياة الفكر» (1978)، «محاولات في الفهم» (1983)، «قراءات في الفلسفة السياسية عند كانط» (1992)، «المسؤولية والحكم» (2003) هي في حاجة ماسّة إلى الترجمة. أقول كانت غائبة بالمقارنة مع كثافة الدراسات والترجمات والكتب والملتقيات المخصَّصة لها في القارات الخمس من العالم. تأتي هذه المحاولة لتلبّي الحاجة وتضطلع بقراءة في أفكار آرنت من زوايا مختلفة وتشمل مباحث متنوّعة لها علاقة بالفاعلية البشرية وسؤال الحرية ومسألة السياسة والفضاء العمومي ومعضلة العنف والاستبداد بالإضافة إلى مباحث الثقافة والتربية والتاريخ والتراث. في ظل الانتفاضات الحامية الوطيس التي مرّت بها الرقعة الجغرافية العربية ولا تزال تتكبّد هزّاتها الثانوية، ألا تُشكّل أفكار آرنت مادّة دسمة وثريّة في قراءة الشرط الإنساني العربي؟ ألا يمكن لنظرياتها في السياسة والحرية أن تُضيء بعض الزوايا المعتمة من وجودنا وحياتنا؟ يشتغل فكر آرنت كـ«نسق فلسفي» تتعاضد فيه المفاهيم وتتحوّل وتتّخذ مواقع جديدة تبعاً للتفسير الممكن وضعه بشأن تطوّر السياسة أو الثقافة عبر التاريخ. يمكن أن نطرح جُملة من البداهات التي التزمت بها آرنت طيلة مشوراها الفكري والتي تُدبّر الهيكل العام لكتاباتها الفلسفية والسياسية. تكمن هذه البداهات في اعتبار الحرية جوهر السياسة؛ وأنّ هذه الحرية لا تتحقّق سوى في السياسة. 

كتابنا الجماعي الجديد: موسوعة الابحاث الفلسفية للرابطة العربية الاكاديمية للفلسفة



موسوعة الابحاث الفلسفية
للرابطة العربية الاكاديمية للفلسفة
بمجلدها الاول : الفلسفة الغربية المعاصرة : صناعة العقل الغربي من مركزية الحداثة الى النقد المزدوج
اسهم فيها عدد من المفكرين والكتاب والباحثين العرب
نشر وتوزيع : ضفاف والاختلاف والامان...

المسهمون في الموسوعة:
1. د. احمد عبد خضير - العراق
2. د. احمد عطار - الجزائر
3. د. اسماعيل مهنانة - الجزائر
4. د. افراح لطفي - العراق
5. د. اكرم مطلك - العراق
6. د. اليامين بن تومي – الجزائر
7. د. ام الزين بن شيخة المسكيني- تونس
8. د. خضر دهو - العراق
9. د. خيرالدين دعيش - الجزائر
10. د. سعيد كريمي - المغرب
11. د. عبد الامير الشمري - العراق
12. د. عبد القادر بودومة - الجزائر
13. د. عبد الله بريمي - المغرب
14. د. علي عبد الهادي - العراق
15. د. علي عبود المحمداوي - العراق
16. د. فؤاد مخوخ - المغرب
17. د. فيصل غازي - العراق
18. د. قاسم جمعة - العراق
19. د. كريم موسى حسين - العراق
20. د. كمال بومنير - الجزائر
21. د. محمد بن سباع - الجزائر
22. د. محمد شوقي الزين- الجزائر-فرنسا
23. د. مراد قواسمي- الجزائر
24. د. نادية بونفقة - الجزائر
25. د. نبيل رشاد - العراق
26. د. نورة بوحناش - الجزائر
27. د. يسرى السعيد - سوريا
28. د. يوسف تيبس - المغرب
29. أ. احمد زيغمي - الجزائر
30. أ. العمري حربوش- الجزائر
31. أ. الناصر عبد اللاوي – تونس
32. أ. امال علاوشيش -الجزائر
33. أ. اماني ابو رحمة - فلسطين
34. أ. دليل محمد بوزيـان - الجزائر
35. أ. رابح خمليش - الجزائر
36. أ. زروخي الشريف- الجزائر
37. أ. زهير الخويلدي - تونس
38. أ. سمية بيدوح - تونس
39. أ. عبد السلام عمور
40. أ. عبد العزيز ركح - الجزائر
41. أ. عزيز الهلالي - المغرب
42. أ. عمر بوجليدة - تونس
43. أ. فاطمة الزهراء بن زردة - الجزائر
44. أ. مصطفى الحداد - المغرب
45. أ. نبيل فازيو - المغرب

كتابنا الجماعي الجديد: الفلسفة والنسوية


من اعمال الرابطة العربية الاكاديمية للفلسفة
ونشر وتوزيع منشورات ضفاف والاختلاف ودار الامان..

الفلسفة والنسوية
في فضح "ازدراء الحق الانثوي" ونقضه،
و"التمركز الذكوري" ونقده

تأليف مجموعة ونخبة من الاكاديميين العرب

من المقدمة
تتضايف "النسوية والفلسفة" وتتداخل مفهومياً – دلالياً، الى الحد الذي لايمكن التغاضي عن ملامسته وكشف جغرافيته. فبينما راحت النسوية تتمثل بحركة كفاح ونضال ومطالبة بحق المرأة على وجه الاجمال، فإننا نمسك بالمقابل معنى للفلسفة بوصفها تلك الفاعلية النقدية – العقلانية للذات والاخر والعالم، أو محاولات الفهم المكرورة لمانحن عليه ومايمكن ان نكونه، وفي كلا الامرين نجدنا نبحث في مكامن وميكانزمات انوجادنا الاصيل في هذا العالم.
تعمل النسوية من اجل استدعاء الكوني/ الانساني لانجاز فهمها وافهام الاخر بان المرأة هي ذلك الجزء الند لجزئية "الرجل" في كل "الانسان" الذي يلزمه الفهم الحقوقي الكافي للخلاص مماتكابدنه من حيف وظلم في اطار انجاز ذلك الكل وعدم تهشيمه لذاته بيديه. وتعمل الفلسفة محاكية للكوني في جنباتها: انه الانسان، خارجا عن قوالبه التي خلقتها التقاليد الهوياتية من دين او مذهب او عقيدة او طائفة، او تنشئة اجتماعية او بيئة ثقافية، بل وكل محددات الهوية، وكل مصنعات النوع.
وهنا تتبين اهمية محاولات فك السحر عن العالم "بلغة فيبر" بوصفات نقدية –فلسفية، وفك السحر عن فهمنا للمرأة، وكشف المتوهمات فيه يحدو بنا الى توظيف كل اليات وادوات القول الفلسفي من تأمل وتحليل ونقد وعقلنة، من اجل ان تحقق تلك النشدانات التحرر. والمطلبان يضعان لبنات التأسيس لمفهوم الفلسفة النسوية ومعناها.

السلطات الأصولية وصراعها: المنطلقات الغائمة والنتائج العنفية .

السلطات الأصولية وصراعها:  المنطلقات الغائمة والنتائج العنفية .


آليات الصراع تبدو تمثيلا للمجد وإثبات الهوية والمصالح. فأين كل معاني الإنسانية التي حاولت الأديان حسب معتنقيها وعلى تعددها أن تدعو لها؟

بقلم: د. علي عبود المحمداوي




بعد أن تستحكم الأصوليات على محيطها الجغرافي الوطني- نوعا ما - (وذلك ما لمسناه في المنعطفات الجديدة لحركات الإسلامويين) تبدأ بالتفشي والانتشار كأمراض معدية خارج الحيز الوطني لتصنع لها حيزا دوليا، وتخلق لها صورة مرعبة ومستفزة ومستكرهة من الآخر، صورة بشعة ترتسم في أفق تاريخ دموي منذ 15 قرنا، هكذا هي الصورة وليس ما نتصوره نحن فقط، والأصوليات هي تسمية راجت مؤخرا لتصف الفهم المتطرف والمتشدد والعنفي للاسلامويين.

أود في مقالي هذا أن اكشف مباني الصراع الذي هو حليف ماهية الأصولية، والعنف ومسوغه لديها، لذلك فإنني أسعى إلى عرض وتحليل أنواع الصراع الحاكم لأصل التعامل الحضاري أو الدولي (صراع الأصوليات)، اعتقادا مني أن الصراع هو الصورة الأخرى لعملة الأصولية، فالحقيقة المطلقة والواحدة تصنع نرجسية عنفية، وهنا ينبثق التساؤل: ما مستويات الصراع وما دوافعه؟ قد يبدو هذا التساؤل ساذجا ومشبعا بالبحث، لكن مما لاشك فيه انه السؤال المركزي لحكاية الإنسان في عالمنا اليوم، وعليه فإن تلك المسوغات والدوافع هي:

‌أ- الصراع من اجل المصالح: والحقيقة إن هذا النوع من الصراع هو ما وجه الغرب في الحقبة الحديثة والمعاصرة وفي أكثر تحركاته نحو الآخر في الشرق (الإسلام وجيرانه)، إذ المواقع الإستراتيجية للقواعد العسكرية من جهة ، وللعمال الاقتصادي كمادة خام وكسوق تصريف من جهة أخرى ، فالعالم الإسلامي مستهلك وبدرجة عالية ، على الرغم من كل ما يمتلكه من ثروات ومواد أولية، وهذا النوع من الصراع تجلى واضحاً في أغلب إن لم تكن كل حروب الدول الأوربية بعنوان الاستعمار، أو حروب أميركا بعنوان نشر الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والأنموذج الليبرالي الأميركي، و"تمايز الحضارات الديني واللغوي والتاريخي والثقافي، لا يؤدي إلى الصدام والصراع، وإنما الذي يؤدي إلى الصدام والصراع، هي المصالح السياسية والاقتصادية والإستراتيجية العليا".

‌ب- الصراع من أجل القيم:

وهذا الضرب من ضروب الصراع يمكن أن يلاحظ جلياً في كونه المبدأ المتبنى من قبل الاتجاه الإسلامي = المصطدم بالغرب، وصراع القيم هو المبرر الأساس لفكرة الجهاد عند المسلمين (الحرب المقدسة)، ومن ثم فاللين والتولي والتسامح والتعامل السلمي مع الغرب مرفوض في المصطلح الديني (لمنظومة الأفكار الإسلامية المعادية للغرب والمتصارعة معه) لأنه كافر! لا يجوز التعامل معه بهذا الشكل.

والحقيقة الأهم مما سبق، إن القرآن نفسه حمال أوجه! وفهمه في بطون! إن القرآن سطوح وفهمه طبقاتي!

فكل فهم يفتح فهما آخر، هنا يلعب التأويل الدور الأساسي فيه بعد فك شيفرة التفسير الترابطي بين مدلولاته الحرفية، إلا إن الفاعل الأيدلوجي منه وغيره، يحاول أن يدخل بين العلامة والمعنى، انه المؤول، لكن تعددية المؤول والعلامة الطبقاتية والمعنى المرجئ والمتشضيء في بطون، يجعلنا أمام إمكانية قيام حقائق أخرى بالقوة نفسها التي يحملها الأصولي، إنها صراطات مستقيمة كما يحلو لسروش تسميتها، ولا صراط مستقيم واحد. لذلك نجدنا أمام تراث مقابل لتراث الصراع القيمي، بل قبول قيمي على أساس التعددية، إلا انه خجول تاريخيا وواقعيا وقد يؤد استقباليا!

إذ لا يمكن أن نعّد ما سبق من مصادمة الآخر ورفضه من الفكر الرافض للغرب (بعنوان الكفر وحرمة التعامل) هو الرأي الحاسم والأساس في تعامل الإسلام مع الغرب، فالثقافة الدينية أو التدين الحاصل لدى المتبنين لهذا الفكر والذين حدوا به إلى الظاهرية والحرفية والحدية والجمود (الأصولية)، جعلوا من الدين الإسلامي حكرا على فئة من دون أخرى وكذلك جعلوه يظهر أمام الآخر بأنه لا يفهم معنى التسامح، ولا يتعامل بغير لغة الدم والقتل، بالرغم من إنني لا أبرئ الطرف الآخر الغربي من ارتكابه للقتل وممارسته للعنف، إلا انه لا يعني أن يقابل ذلك الفكر بشبيهه وان كان خاطئاً.

والتعارض الحاصل في ظاهر النص والفكر الديني الإسلامي هو محل جدل كبير إذ إن البعض من الآيات نسخت لتحل محلها أخرى، وبعضها نزلت (!) من اجل حادثة تاريخية معينة وجاءت وصفية أو توجيهية في حينها وهي الآن ليست إلا نموذجا تاريخياً يتلى لضرب الأمثال واخذ الحكم، وغيرها تناقض في المعنى الذي قد تحمله آيات أخرى، ولعل فهمنا هو من يحمل التناقض، إلا أن الفهم المتحصل لدينا هو الآخر تراث مفسرين القرآن ومؤوليه! وما يهمنا هو فاعلية الآيات والنصوص الدينية الآنفة الذكر التي تدعم الفكر المعتدل ومبدأ التسامح والقبول بالآخر ومدى قوة هذه النصوص وثباتها، وكيف يمكن الإفادة منها لغرض الدفع بإتجاه السلم الديني والثقافي.

‌ج- الصراع لإثبات الهوية:

كما ويمكن تلمس كيفية كمون صراع الأصوليات في مسألة الهوية من جانب؛ إن الكل يريد هوية الأوحد في العالم، وإذا لم تكن أو لم يستطيعوا أن يقوموا بها فعلى اقل التقديرات يجب أن يكونوا كيان مستقل في مواجهة الآخر، هكذا هو خطاب الهويات الأصولية، إلا أنه لايمكن القول إن مسألة الهوية تنطوي تحت عنوان الصراع وانه لايمكن تحصيل الهوية أو التعريف بها أو الاعتراف أو الاحترام لها إلا مع الصراع، فهذا هو الفكر الأصولي بعينه إلا أن الحقيقة أن الهوية ترافق التسامح والتعاون الذي يصور الهوية على أجمل ما تكون لاكما تصورها عملية الصراع والصدام والحروب، (وان كان قد حصلت بسبب الأصوليات) فالهوية وما لها من تأثير في عملية الصراع الحضاري لا يمكن أن تعد أمراً بسيطاً أو هيناً، إذ أصبح موضوع الهوية في الأدبيات السياسية والفلسفية والاجتماعية رائج التداول، لأنه كان سبباً وشكلاً لكثير من الصراعات التي أخذت شكل الصراع من اجل نيل الاعتراف وتضخيم الذات.

هكذا تبدو آليات الصراع تمثيلا للمجد واثبات الهوية والمصالح، فأين كل معاني الإنسانية - التي حاولت الأديان حسب معتنقيها وعلى تعددها- أن تدعو لها؟! اعتقد إن الأمر أكثر شائكية من أن يفهم ببساطة، لكن عرضه على علاته يتيح محاولات فهمية مسكوت عنها.

فلسفة التاريخ: من فهم الحدث الى اليوتوبيا.

yyy
فلسفة التاريخ: من فهم الحدث الى اليوتوبيا: 

تمثل العلاقة بين الفلسفة والتاريخ: تفاعل الامومة والأبوَّة على العلوم والمعارف. ويستدعي الجمع بينهما (بعنوان فلسفة التاريخ) رهاناً يتجاوز فرديتهما، بدمجهما. انه الذي يحيط بكبريات ميكانزمات الفهم الانساني لافقه الزمني، وبأكوام الاحداث المتراكمة لتخلق بنى، ونتوءات داخل مسار الحياة الانسانية. وذلك الرهان ينفتح على مجموعة من الاستفهامات: كيف نفهم التاريخ؟ ما محركات ذلك الفهم؟ وان كانت في طبيعتها اسئلة قديمة، الا انها تتجدد اليوم، بوصفنا كائنات لانزال حبيسي ورهيني تاريخنا (تراثنا). واسئلة اخرى تنفتح عن السؤالين السابقين هي: أ يمكن ان ننفلت من تاريخنا؟ وهل الانفلات ذلك يتيح مكاناً لانسانيتنا دونما تاريخ؟ لاجل ماسبق من الاستفهامات، تبدو استعادة فلسفة التاريخ مسوغة. لكن ان كان للتاريخ تلك السلطة الابوية للماضي الذي لايتغير، ومن ذلك "الثبات" يأخذ قوته، فكيف يمكن للفلسفة ان تخترقه وتتساءل عنه؟ ومن ثم تؤثر فيه؟ الحق، ان الفلسفة اليوم وبقراءتها الهرمينوطيقية للتاريخ انما تعيد تمثُّل التاريخ بزمنيته وزمنيتنا من اجل افادة ممكنة لذلك المد المنطلق. فهي تجعله محاسبا من جهة، وتحقق معه لكسب رهانات تتعلق بالمستقبل من جهة اخرى. لذلك تبدو اكثر همة واوسع فضاءا، واكثر تحررا في ادواتها، وهي تلازم السيرورة النقدية المراجعاتية، فلاتجمد ولاترتكن الى تقليد دونما اعادة فحص، لان الفلسفة؛ تفلسف والتفلسف فاعلية بنقده وتأمله وعقلنته وتحليلاته وتركيباته. لذلك ستنفتح الفلسفة دوما على القادم لانها فكر. بينما التاريخ حدث الفكر. وبين الفكر وحدثه ملازمة ووحدة عضوية تشكل الفهم. لكن تلازمية محاولة الفهم، هذه، أتُحكَم باطار نظري سابق؟، أم أنها تبقى مفتوحة كما هي ماهية الفلسفة؟ هنا تنشطر طرق الاجابة: الى عقائد ايديولوجية ونظريات مذهبية سياسية، ودينية، وعرقية، فتحت أبوابها لتحدد مسارات الفهم تلك، في محاولة لسجن الفلسفة وتحويلها من طبيعتها الحركية إلى طبيعة الحدث؛ التاريخ السكوني. فبين ان نتصور التاريخ ذو منطلق عناياتي/ لاهوتي، وبين ان نفصله عن تلك الارادات وما لحقها من الاسطرات، أو ان نلجا الى فهم الماضي بوصفه متميزا، وخارقا، دوما، كما في التصور اليوناني القديم، والذي تستدعيه كثير من الحركات الاصولية اليوم، فالسلف اكثر تقديسا دوما من الخلف، وهذه الرؤية تحبس الفلسفة وتضع في يديها قيدا، بل تحاول ان تلغي فاعلياتها لانها ستحولها الى حدث جامد. تتالت التصورات التأطيرية للفلسفة ونظرتها للتاريخ لتجعل المهمة منحصرة بمنهج دائري يستعيد ذاته، ويلفظ انفاسه، ويكرر نفسه في دائرة بايلوجية، من الطفولة حتى المشيب والولادة من جديد. في حين تصور البعض طريق التاريخ بداية بلا نهاية، بوصفها النظرة التفاؤلية الانسانية التي التصقت بتصور التنوير للتاريخ. فيما صدمت التفسيرات المادية التاريخية تلك التقدميات التنويرية، بارتيابية تجاه مشاريع الخلاص تلك (التنويرية) المرسومة بفرشاة برجوازية وقفت وتقف بوجه طموحات الانسان العامل الذي لايملك الا جسده، وعليه تحولت المهمة التاريخية وكانها ثأر، واستعادة سلطة؛ ثم لتفجرها تلك الاردات من الداخل معلنة المجتمع السعيد. وفي فلك اليوتوبيات المتخيلة تلك دارت جل فلسفات التاريخ، ولعل مايجعلها تقع في اللاوقعية هو مشكل العلوم الانسانية وقدرته على التنبو. مماسبق، يجر معه مشكل اكبر يجعل امر التفسير الدقيق الذي ينتج نظرية دقيقة ومن ثم نتيجة واضحة واكيدة، امر مفارق لطبيعة العلوم الانسانية لانها علوم تقبل الفهم. والتأويلية التي ترافق عملية الفهم تلك تجعل من النسبية والتعددية امر لاانفكاك منه. لكن في كثير من الاحيان كان لليد المنظومية القسرية– الايديولوجيا امرا على تعمية النظر الحر. بدا التاريخ وكانه يتحول من "احداث" ليتفكر حولها، لتنتج بقسر ايديولوجي "فلسفة التاريخ"، لتطلق صلتها بالواقع المنتج لها، لتتحول الى يوتوبيا، ومن ثم الى عقيدة (دين) يحولها في مابعد الى نوع من الاسطورة. ياله من درب! يصدمنا بواقع الادلجات والتقييد لمسارات التفلسف. واليوم هنالك تفسيرات تكشف مدى التلاعب والتصنيع الى مستوى تحويل الزيف الى وقائع بفضل تقنيات الاتصال والهيمنة الاعلامية. لذلك، علينا ان نحافظ على حركيتنا بوصفها نوعا تحرريا من تلك الادلجات في تخليص فهومنا للتاريخ من قيودها، والحذر من الزيوف التي نقذف بها. وعلينا ان نتفكر في الاحداث على محك نقدي لايهدف الى التنبؤ، بقدر معرفة الشروط التي يمكن ان تصنع ذلك المستقبل، والعمل على تحقيق مايمكن، دونما العبور على وقائعياتنا وكينونتنا. تفتحنا زمنيتنا على المستقبل، ذلك اكيد، لكن ذلك الانفتاح لايعني امكانية الكشف عنه (المستقبل)؛ انه المجهول الذي ينبغي لنا ان نسير بارتقاب اليه ومعه.